الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية القنصل العام التونسي بمدينة ليون الفرنسية: جاليتنا ليست في جنة.. ولكننا نجتهد لتحسين أوضاعهم

نشر في  24 جوان 2015  (12:21)

نحن نمثل الدولة وليس النظام

ضربة شارلي هيبدو وقعها كبير..وعلينا بدحر صورة التشدد عن الإسلام

نلتقي في هذه المساحة بعادل بن لاغة وهو القنصل العام التونسي بليون الفرنسية في حوار جاء صريحا وخاليا من بروتوكولات السياسة، وتكلم فيه محدثنا بلا مساحيق عن الجالية التونسية بالمهجر وتداخل السياسي بالاجتماعي وهو ما ندعوكم الى اكتشافه في الحوار التالي:

  في البداية لو تقدم نفسك للقراء؟
عادل بن لاغة، موظف بالسلك الدبلوماسي التونسي منذ 22 سنة حاليا برتبة وزير مفوض، سبق أن اشتغلت بالخارج خطة سكريتير أول بسفارة تونس بمالطا  ومستشار بالبعثة الدائمة لتونس لدى الأمم المتحدة بنيويورك كما شغلت خططا أخرى بالإدارة المركزية كان آخرها الإشراف على الخلية الدبلوماسية برئاسة الحكومة.
بما أنك اشتغلت في ظرفين مختلفين، هل تغير العمل القنصلي بعد الثورة؟
أكيد، في الواقع بعثاتنا القنصلية عادت بعد الثورة لتركز على مهامها الأساسية ألا وهي الدفاع عن مصالح التونسيين المقيمين بالخارج وتقديم الخدمات الإدارية لهم بالإضافة إلى الخدمات الاجتماعية مع الالتزام الكامل باحترام علوية القانون وتحييد الإدارة والتعامل مع كل المواطنين بنفس المسافة وجعل مصلحة البلاد فوق كل اعتبار.
كيف هي العلاقة اليوم مع الجالية التونسية؟
هي علاقة تتطور وتتأقلم تدريجيا مع الأوضاع الجديدة التي تعرفها تونس بعد الثورة، بسبب مخلفات الماضي وما لحق ببعثاتنا بالخارج حينها من توظيف لخدمة النظام السابق، ولهذا كانت العلاقة مع الجالية بعد الثورة فاترة وتبعث على الريبة والتشنج. ولكن شيئا فشيئا بدأ المواطنون يقتنعون بأن القنصلية العامة مرفق عام في خدمة كل التونسيين دون تمييز وهي تمثل الدولة التونسية وليس النظام القائم وأنه لا يمكن العودة إلى ممارسات ما قبل الثورة. البعثة القنصلية اليوم والحمد لله وبفضل مجهودات الزملاء الذين سبقوني في هذه المهمة منذ الثورة أصبحت تتمتع بعلاقات ثقة واحترام مع كل مكونات المجتمع المدني والإطارات التونسية بالجهة وهي تعمل على تعزيز هذا الرصيد...
ماهي أهم مشاغل الجالية؟
لابد من الاعتراف أن الجالية تغيرت ولم تعد هي نفسها التي هاجرت في سبعينيات القرن الماضي. طبعا هؤلاء يشكلون أحد مكوناتها وإحدى حلقاتها الضعيفة، ولديهم مشاغل خاصة بهم وبوضعهم كمتقاعدين يحصلون على جراية ضعيفة ولا يمكنهم التمتع بالمساعدات الاجتماعية إذا استقروا خارج فرنسا. لكن إلى جانب هؤلاء هناك فئات أخرى برزت ولها أوضاع مختلفة و بالتالي مشاغل أخرى. إذ نجد مثلا فئة الجيل الثاني والثالث للهجرة وهي تواجه بعض الأحيان صعوبات للاندماج والتأقلم وتتعرض أحيانا إلى الميز بفرنسا أو حتى بتونس وتتعرض إلى الفشل المدرسي والبطالة.
 الجالية تضم أيضا عددا كبيرا من الطلبة الذين يجدون صعوبات كبرى للتدرب لدى المؤسسات والشركات في إطار تكوينها الجامعي. هنالك أيضا إطارات تونسية سمتها الكفاءة ونشطاء في المجتمع المدني يرغبون أن يساهموا في الحياة العامة في تونس وأن يكون لهم هيكل استشاري يمثلهم ويبلغ صوتهم.  
طبعا هناك مشاغل مادية تتعلق بغلاء تذاكر السفر سواء بالطائرة أو بالباخرة خلال موسم الصيف حيث أصبحت الأسعار في غير المتناول خاصة بالنسبة للعائلات وهو ما جعل العديد منهم يعزف عن العودة الصيفية. كما تصلنا دوريا تشكيات بخصوص بعض المعاملات عند اجراءات الخروج من الموانئ التونسية. كما يشتكي مواطنونا بالخارج من طول آجال بعض الخدمات الإدارية التي تتطلب التنسيق مع المصالح المركزية بتونس كتعويض جوازات السفر أو استخراج البطاقة عدد 3 وكشف التحركات الحدودية. بالإضافة إلى ذلك هناك مسألة الترخيص الأبوي لمغادرة التراب التونسي بالنسبة للأبناء القصر وهي مسألة تعاني منها بالأساس الأم خاصة عندما تكون في حالة خلاف مع زوجها أو في حالة طلاق حيث لا يمكنها اصطحاب أبنائها القصر إلى تونس والعودة بهم إلى فرنسا دون ترخيص الأب وهي معضلة ينتظر التونسيون بالخارج من الحكومة الحالية معالجتها في أقرب الآجال.
هل أثرت اعتداءات شارلي هيبدو على وضعية الجالية التونسية بفرنسا؟
لقد كان للاعتداءات الارهابية التي شهدتها فرنسا في مطلع السنة وقع كبير على الفرنسيين ومن الصعب القول ان المهاجرين، الذين يعانون أصلا من وضعيات صعبة، سوف لن يتأثروا من ذلك بالرغم من أن الخطاب الرسمي يطالب بعدم الخلط بين الاسلام والفكر المتشدد الذي يتبناه الارهاب.
ما هي أهم التحديات التي تواجه القنصلية العامة في عملها؟
القنصلية العامة هي مرجع نظر حوالي 83 ألف مواطن تونسي وبالتالي تشهد خلال فترة الذروة إقبالا كبيرا يتجاوز طاقة استيعاب  مقرها مما يؤثر على ظروف استقبال المواطنين و ظروف عمل الموظفين. و نحن نحاول تهيئة مقر القنصلية للحد من الاكتظاظ في حدود الممكن. ومن جهة أخرى   تغطي القنصلية مناطق شاسعة من التراب الفرنسي (14 Départements) و مدن بعيدة تصل المسافة التي تفصلها عن مقر البعثة إلى 500 كلم وهو ما يصعب إيصال الخدمات الإدارية للتونسيين المقيمين في المناطق البعيدة.
وهل يوجد نشاط ثقافي تونسي بالجهة؟
مع الأسف الحضور الثقافي التونسي محتشم جدا بليون والجهة ككل وهو يقتصر على بعض الأنشطة المحدودة وغير المهيكلة من حين إلى آخر تنظمها بعض الجمعيات بالتعاون مع البعثة القنصلية، كتنظيم سهرات سينمائية أو عروض موسيقية مع العلم وأن فرنسا تزخر بالمبدعين والفنانين التونسيين بالمهجر من المستوى الرفيع على غرار الموسيقي خالد بن يحيى وجاسر حاج يوسف وعبير النصراوي وسيرين بن موسى وغيرهم من الذين بإمكانهم أن يكونوا احسن سفراء لتونس في مجالات الفنون والثقافة إذا ما توفرت الإحاطة والعناية بهم. من المؤسف الاعتراف بغيابنا ثقافيا في بلد يهوى الثقافة والفنون . نحن اليوم في أمس الحاجة لوضع خطة واضحة ومحكمة لتعزيز الحضور الثقافي التونسي بالخارج وخاصة في أوروبا  لتحسين صورة تونس والترويج لها. فلا يعقل أن تصرف أموال طائلة لجلب فنانين أجانب إلى تونس في حين لا نخصص أي اعتمادات او برامج لتنظيم تظاهرات ثقافية تونسية بالخارج.
 لهذا فاننا نسعى إلى إقناع السلطات التونسية ببعث مركز ثقافي تونسي بالجهة يكون واجهة لتونس ولمبدعيها.
 بماذا تختم هذا الحوار؟
أشكر صحيفتكم على اهتمامها  بعمل البعثة القنصلية وبمشاغل الجالية وأتمنى أن يحفظ الله تونس وشعبها من كل مكروه وأن يلتف التونسيون في الداخل وفي الخارج حول بلدهم ويقفوا وقفة رجل واحد ضد الإرهاب والأخطار التي تحدق بها وينصرفوا إلى العمل..

حاتم نعات